تعز- رامز الشارحي
رد على كلمة محافظ تعز التي ألقاها في أربعينية الشهيدة افتهان المشهري، كتب رامز الشارحي:
“تصريح محافظ تعز نبيل شمسان بأن استشهاد أفتهان المشهري أيقظ فينا روح الوعي والرفض وخلق انتفاضة أخلاقية وشعبية ضد القبح والفساد.
هذا التصريح المبطن يفتح سؤالا أكبر. هل يمكن أن نواجه الفساد بخطاب يتخطى جذوره وهل يكفي التنديد اللفظي ليولد وعيا حقيقيا؟
الحقيقة أن الفساد الذي ينهش جسد الدولة ليس حدثا طارئا بل منظومة ممتدة من الفشل والتراخي والمحسوبية. هذا القبح يومي ومتراكم ولا يمكن مواجهته بشعارات عن الوعي والرفض بل بإرادة سياسية صادقة تعيد للمواطن ثقته بالدولة وأنها ليست مجرد غطاء للنهب المنظم.
هذا أولا، ثم أن حادثة استشهاد أفتهان المشهري مثلت صدمة أخلاقية لكنها لا يجب أن تتحول إلى شعار دعائي أو تبرير جديد للفشل فالعبرة أن يكون الوعي الذي يولده الدم وعيا نقديا لا انتقائيا، وعيا يرفض القبح أيا كان مصدره لا وعيا يصنع خصومه ليتجمل في مرآتهم. حينما تدين فساد الآخرين من الصعب أن تواجه فسادك. سنوات الفشل والنهب والفقر كانت كفيلة بأن تدفع الناس نحو أي قوة ترفع شعار العدالة والمساواة حتى وإن كانت كاذبة لكن من رحمة الله باليمنيين أن مشروع الحوثي ليس بديلا لأنه مشروع يتنافى مع الفطرة قبل السياسة ومع الكرامة قبل المصلحة.
ثانيا، فساد السلطة لا يعطي مبررا لرمي التهمة على القبح وتسويق الوهم باسم الوعي الوطني. الوعي الحقيقي يبدأ من مواجهة القبح الذي ثمتلوه في مؤسسات الدولة في الممارسات والتهرب من المسؤولية ولا يمكن أن تنشأ انتفاضة أخلاقية إذا ظل الخطاب الرسمي يعيش على صناعة الأعذار وتبادل التُهم.
استشهاد أفتهان المشهري يجب أن يُفهم كصرخة ضد كل قبح لا ضد قبح واحد، هزة روحية تدعونا إلى إعادة تعريف الوعي بوصفه موقفا لا شعارا لاحظيا. عندما يتحول الدم إلى مادة للاستهلاك الخطابي نكون قد فقدنا المعنى الذي استشهد من أجله
فالفساد لا يبرر القبح والكرامة لا تُستعاد بالشعارات
عزيزي نبيل شمسان، اذا كنت صادقا في حديثك عن الوعي فليكن وعيا يبدأ من مواجهة نفسك قبل أن تبحث عن شماعات جديدة تعلق عليها خيباتك.
أنتهى زمن الفهولة.”
#هنا_اليمن

